عبد معروف
تنطلق اليوم الاثنين، أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة في محاولة رسمية عربية إسلامية للاتفاق على موقف مشترك ردا على العدوان الاسرائيلي الذي استهدف العاصمة القطرية الدوحة مؤخرًا، وبلورة موقف موحّد يناسب جسامة هذا العدوان ووقعه على سيادة دولة مستقلة وذات سيادة بل وعلى المنطقة برمتها.
وتأتي القمة العربية- الاسلامية اليوم، بعد أن شعرت النظم والسلطات العربية بأنها أمام خطر إسرائيلي دهم وصل إلى حد مقراتها وقصورها وسيادتها، خاصة بعد أن هددت تل أبيب بأنها ستتخذ الاجراءات الميدانية لضم الضفة الغربية الفلسطينية وستعمل على ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة باتجاه دول عربية(مصر والسودان وليبيا وسوريا)، وتواصل عدوانها على سوريا ولبنان، وقامت بتوجيه ضربات عنيفة لجمهورية إيران الاسلامية.
النظام العربي الاسلامي بدأ يشعر بخطر يهدد القصور والعروش، ما دفع هذا النظام للإسراع في عقد قمة لمناقشة ثلاثة قضايا:
= العدوان الاسرائيلي السافر على قطر
= الخطر الاسرائيلي الذي يهدد النظام العربي ويعمل على ابتزازه
= حرب الابادة المتصاعدة وبشكل وحشي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
خاصة وأن القمة العربية الاسلامية تأتي اليوم، في ظل حرب الابادة المتصاعدة في قطاع غزة، وعدد كبير من الشهداء والضحايا من المدنيين، وتفاقم المجاعة والمعاناة الإنسانية.
لذلك وأمام الخطر الاسرائيلي الذي بدأ مجددا بتهديد النظم والسلطات الرسمية العربية والاسلامية، فمن المتوقع أن تعمل القمة اليوم، على إدانة الاعتداء وإظهار تضامن عربي وإسلامي رسمي مع قطر في مواجهة ما يُنظر إليه كاعتداء على السيادة الوطنية.
وفي ظل استبعاد أي رد أو حشد عسكري عربي وإسلامي في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي بعد العدوان على قطر وحرب الابادة في غزة والتهديدات الاسرائيلية للنظم والسلطات الرسمية، فمن المتوقع أن تخرج القمة ببيان ختامي ربما يكون شديد اللهجة يدين الاعتداء الغاشم على قطر، ويستنكر حرب الابادة على قطاع غزة، والتهديد الاسرائيلي ضد الدول الأخرى، والمطالبة بتدخل فاعل وجاد للمجتمع الدولي لوقف خروقات تل أبيب السيادة والقوانين الدولية.
وحرصا على مشاعر الشعوب التي استفزها تصاعد واستمرار العربدة الاسرائيلية، ربما تذهب القمة إلى عبارات وجمل التهديد باتخاذ إجراءات مثل المقاطعة، سحب السفراء، تجميد الاتفاقيات، أو قرارات قانونية ودولية ضد إسرائيل إذا استمرت الاعتداءات.
وهنا لا بد من الاشارة إلى تباين المواقف بين الدول العربية والإسلامية المشاركة في قمة الدوحة من حيث علاقاتها مع إسرائيل، ومستوى استعدادها لاتخاذ إجراءات قوية (سياسية أو اقتصادية). بعض الدول لها اتفاقات تطبيع أو مصالح استراتيجية مع إسرائيل قد تجعلها مترددة، وربما تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورا واسعا في الضغط على بعض الدول للتخفيف من عبارات البيان الختامي، وضمان عدم تصعيد الخطاب أو اتخاذ خطوات تصادم مصالحها الأمنية أو الاستراتيجية.
كما أن فرض قرارات مثل سحب السفراء أو المقاطعة يتطلب توافقاً سياسياً واسعاً، وتحمل اقتصادي، ليست كل الدول قادرة أو مستعدة على تحمل مثل هذه التكاليف. فكثير من البيانات العربية والإسلامية التاريخية لم تُترجم إلى أفعال ذات تأثير كافٍ؛ لذلك التحدي الأكبر هو أن يكون ما يُقرّ في الدوحة أكثر من شعارات، وأن يصاحبه تنفيذ ملموس.
لذلك من المتوقع، بيان قوي بإدانة العدوان وتأكيد على سيادة قطر مع دعوة لإجراءات غير تصعيدية مثل عزلة دبلوماسية، أو عدم المشاركة في فعاليات تجمع إسرائيل والدول التي بها علاقات تطبيع دون شروط، وتجميد الاتفاقيات الموقع مع الجانب الاسرائيلي، أو فرض عقوبات اقتصادية رمزية، ربما في مجالات التعاون التجاري والثقافي.
طبعا ستعمل قمة الدوحة، المطالبة دعم دولي مُتضافر للقضية الفلسطينية والضغط لوقف حرب الابادة على قطاع غزة، والتركيز على تعزيز دور الوساطات القطري والمصري والأمريكي لوقف حرب الابادة والعدوان الوحشي وإجراءات التجويع ضد سكان القطاع، وتأمين إطلاق الأسرى، وربما فتح المعابر الإنسانية في غزة، وتخفيف الحصار.
الهجوم على قطر، كونها دولة وسيط مهم، قد يعيد رسم علاقات وتحالفات دولية وإقليمية، خاصة بين الدول العربية والإسلامية من جهة، ومع القوى الكبرى من جهة أخرى.
فقمة الدوحة العربية الإسلامية الطارئة تمثّل لحظة مفصلية، ليس فقط في الرد على حادثة الاعتداء الإسرائيلي على قطر، بل كفرصة لإعادة تحديد ملامح الموقف العربي والإسلامي تجاه انتهاكات السيادة والعدوان، وإظهار مدى الالتزام بالمبادئ الدولية، ودعم القضايا الفلسطينية.
ونجاح القمة سيقاس ليس بحدة الخطاب والتنديد، بل بمدى القدرة على اتخاذ خطوات ملموسة، والتنسيق الفعال بين الدول، وضمان أن يكون القرار لا يقتصر على البيان بل يتلوه تنفيذ. كما ستكون مؤشرات الدبلوماسية الدولية والمتغيرات الأمنية والسياسية الخارجية عاملاً رئيسياً في تحديد ما إذا كانت هذه القمة رغم أهميتها، ستكون فارقة أم مجرد حلقة أخرى في سلسلة قمم دون تأثير يكافئ جِسامة التحدي؟.