البحر الأبيض المتوسط
روما - مادلينا شيلانو
تستعد روما لاستضافة إحدى أهم المبادرات الاقتصادية والدبلوماسية في إطار العلاقات الأورومتوسطية: منتدى الأعمال الإيطالي الجزائري 2025. يُمثل هذا الحدث، الذي سيُعقد في 23 يوليو/تموز في فندق باركو دي برينسيبي جراند هوتيل آند سبا المرموق، لحظةً حاسمةً لتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، وللتنفيذ العملي لخطة ماتي، المشروع الاستراتيجي الطموح الذي أطلقته الحكومة الإيطالية للتعاون المتكافئ مع أفريقيا.
المروجون والأغراض
يُنظّم هذا المنتدى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ووكالة التعاون الاقتصادي، بالتعاون مع السفارة الإيطالية في الجزائر، وأبرز المؤسسات والجهات التجارية الجزائرية. ويهدف المنتدى بشكل رئيسي إلى تعزيز فرص جديدة للاستثمار والتعاون الصناعي، وتسهيل الحوار بين الشركات الإيطالية والجزائرية في القطاعات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي بين ضفتي المتوسط.
السياق الاقتصادي والجيوسياسي
يأتي المنتدى في وقت حاسم للعلاقات بين إيطاليا والجزائر. ففي عام 2024، تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما 14 مليار يورو، حيث بلغت الواردات الإيطالية حوالي 11 مليار يورو، والصادرات 2.9 مليار يورو. وتؤكد الجزائر مكانتها كمورد رئيسي للغاز لإيطاليا، بينما تُعتبر إيطاليا العميل الأول للصادرات الجزائرية، مما يؤكد على علاقة مترابطة ومتكاملة واستراتيجية.
وبناء على ذلك، تم اقتراح هذا الحدث كمنصة لتعزيز الشراكة الهيكلية في مجال الطاقة، ولكن أيضًا لتنويع وتوسيع التعاون نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية لخطة ماتي: الاستدامة، ونقل التكنولوجيا، والتدريب والتطوير المشترك.
برنامج المؤتمر
سيتم تقسيم المنتدى إلى فترتيم رئيسيتين:
الصباح: جلسة عامة مع مداخلات مؤسسية باللغتين الإيطالية والعربية (مع ترجمة فورية)، حيث سيتم تقديم المبادئ التوجيهية الاستراتيجية للتعاون الثنائي والمشاريع قيد التنفيذ أو في مرحلة الإطلاق.
بعد الظهر: جلسات مواضيعية واجتماعات عمل بين شركات إيطالية وجزائرية. اللغات المستخدمة هي الإيطالية والفرنسية.
المشاركة في المبادرة مجانية، ولكن التسجيل مطلوب بحلول 7 يوليو 2025 عبر بوابة ICE المخصصة.
القطاعات الاستراتيجية الثلاثة
وينقسم جدول العمل إلى ثلاثة مجالات رئيسية للتدخل، تم تحديدها كأولويات للتكامل الإنتاجي والتحديث المتبادل:
1. الطاقة والاقتصاد الدائري
سيُركز المؤتمر على الطاقة التقليدية (مع التركيز بشكل خاص على الغاز الطبيعي) والطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر)، من منظور مشترك للتحول في قطاع الطاقة. كما سيُناقش مشاريع الاقتصاد الدائري وإدارة النفايات الصناعية، بالإضافة إلى إعادة إطلاق قطاع التعدين الجزائري من منظور مستدام.
2. البنية التحتية والنقل
قطاع رئيسي لتسهيل الوصول والترابط الاقتصادي. تشمل المواضيع البناء، والنقل متعدد الوسائط (البحري، والسكك الحديدية، والطرق، والحضري)، والبنية التحتية الرقمية، وإدارة المياه، والسياحة، والرعاية الصحية. تُعتبر إيطاليا شريكًا مميزًا بفضل مهاراتها الهندسية وخبرتها في مجال البنية التحتية "الخضراء".
3. الصناعة والصناعات الزراعية
يشمل التعاون مجالات التكنولوجيا الزراعية، والميكانيكا الزراعية، والسيارات، والأدوية. ويهدف إلى تعزيز سلاسل القيمة المتكاملة وتشجيع توطين جزء من الإنتاج الصناعي الإيطالي في الجزائر. كما تتوفر مساحة واسعة للابتكار التكنولوجي ورقمنة قطاع الإنتاج.
يندرج المنتدى في إطار تنفيذ خطة ماتي، التي تهدف إلى إعادة تفعيل دور إيطاليا في منطقة البحر الأبيض المتوسط كجسر بين أوروبا وأفريقيا، مقترحةً نموذجًا تنمويًا أفقيًا قائمًا على التعاون والتشارك واحترام السيادة. وتُعتبر الجزائر، بموقعها الجغرافي الاستراتيجي ومواردها الطاقية، محورًا رئيسيًا لنجاح الخطة، وحليفًا أساسيًا للاستقرار الإقليمي.
منتدى الأعمال الإيطالي الجزائري 2025 ليس مجرد حدث اقتصادي، بل هو منصة سياسية وثقافية لإعادة صياغة العلاقات بين أوروبا وأفريقيا. في سياق دولي يسوده التوتر والانقسام، اختارت إيطاليا والجزائر مسار الحوار والتعاون والتنمية المشتركة. إنه خيار استراتيجي، بل وأخلاقي أيضًا، من شأنه أن يرسم مسارًا لتوازن متوسطي جديد.