الثلاثاء 16 كانون الأول 2025

قطاع غزة:سابق محموم لرسم معالم المرحلة المقبلة



وكالة النهار الاخبارية/عبد معروف

مازال السؤال حول مستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب، يتصدر الاجتماعات والاتصالات في المنطقة وخاصة على المسار الفلسطيني- الاسرائيلي، ففي الوقت الذي تتكثف فيه الخطابات والتحليلات والاجتماعات السرية والعلنية، والتي تعمل على رسم خطوط المرحلة المقبلة في قطاع غزة، تتقدم الولايات المتحدة الأمريكية بخطوات ثابتة بالتعاون مع أصدقائها وحلفائها العرب والأجانب لوضع الاجراءات الميدانية على طريق رسم مستقبل للقطاع، يضمن الأمن للكيان الاسرائيلي، وتثبيت سلطة سياسية فلسطينية بالتنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي مع تل أبيب والقاهرة.

ومهما كانت هذه الاجراءات الامريكية، يبدو أن تحديد ملامح المرحلة المقبلة في قطاع غزة يواجه الكثير من العقبات، فمن يمكن له أن يتحمل مسؤولية استمرار الحياة في القطاع بعد كل هذا الموت والدمار والحصار، حيث تتداخل السياسة بالإعمار، والإنسان بالأمن، والذاكرة بالأمل. تقف غزة  اليوم أمام تحدي إعادة بناء ما تهدّم، ليس فقط من بيوت وبنى تحتية، بل من نسيج اجتماعي واقتصادي أُنهك بفعل الحرب المتكررة.

أولى الأولويات ستكون الإغاثة الإنسانية العاجلة، ثم الانتقال إلى إعادة الإعمار وفق خطة شاملة تضمن السكن الكريم، وإعادة تشغيل المستشفيات والمدارس، وتأهيل شبكات المياه والكهرباء. غير أن الإعمار الحقيقي لا يكتمل دون أفق سياسي، ويمنح الفلسطينيين في غزة حقهم في حياة آمنة ومستقرة.

اقتصاديًا، يحتاج قطاع غزة إلى فتح المعابر بشكل دائم ومستمر، وتحفيز الاستثمار، ودعم المشاريع الصغيرة، بما يتيح خلق فرص عمل للشباب الذين يشكّلون غالبية السكان. أما اجتماعيًا، فستكون هناك حاجة لبرامج دعم نفسي، خصوصًا للأطفال الذين عاشوا صدمات الحرب، لضمان تعافي المجتمع على المدى الطويل.

يبقى مستقبل غزة مرهونًا بالقضية الفلسطينية عامة، وبقدرة الفلسطينيين(نظاما وقوى سياسية وأطر شعبية) على تعزيز بنيتهم الوطنية في مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف في الحرية واستعادة الحقوق المشروعة، وبقدرة الفلسطينيين على تحقيق وحدة فاعلة بين فصائلهم، ورؤية تنقل القطاع من إدارة الأزمات إلى بناء المستقبل. 

لكن ذلك يتطلب إرادة فلسطينية وطنية، قادرة على قيادة المرحلة وتنظيم الصفوف وتعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال وحلفائه وإحباط مخططاته ومشاريعه الهادفة لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية.

وفي سياق المخططات والاجراءات الأمريكية لمستقبل قطاع غزة، تعقد القيادة المركزية الأميركية، مؤتمرًا أمنيًا خاصًا في العاصمة القطرية الدوحة، بمشاركة ممثلين عن نحو أربعين دولة، غالبيتهم من القيادات والخبراء العسكريين، في خطوة تهدف إلى وضع الإطار العملي لتشكيل قوة عسكرية أجنبية يخطط لنشرها داخل قطاع غزة. 

ويأتي هذا التحرك ضمن ما تصفه الإدارة الأميركية بالمرحلة الثانية من الخطة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرامية إلى إعادة ترتيب المشهد الأمني في القطاع.

ووفقًا لما نقلته هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، فإن المؤتمر يضم مزيجًا من دول أعلنت بالفعل استعدادها المبدئي لإرسال قوات إلى غزة، إلى جانب دول أخرى لا تزال تدرس موقفها السياسي والعسكري، في ظل التعقيدات الميدانية والحساسية الإقليمية المرتبطة بأي وجود أجنبي داخل القطاع.

تشمل قائمة الدول المشاركة دولًا من آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، من بينها إندونيسيا، باكستان، أذربيجان، مصر، تركيا، قطر، الأردن، والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى عدد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها إيطاليا، مما يعكس محاولة أميركية لتشكيل قوة متعددة الجنسيات ذات غطاء دولي واسع.

ومن المقرر أن يناقش ممثلو الدول المشاركة طبيعة المهام الموكلة للقوة العسكرية المقترحة، خصوصًا ما إذا كان انتشارها سيشمل مناطق خاضعة لسيطرة حركة حماس بهدف نزع سلاحها، أم سيقتصر على مناطق تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، وهو نقاش يعكس حجم الخلافات حول الدور الحقيقي لهذه القوة وحدود تدخلها.