كتبت مادالينا سيلانو
تتجاوز كلفة الحرب الجارية في فلسطين الخسائر البشرية والدمار العمراني، لتطال البيئة والزراعة الفلسطينية، حيث تشهد المنطقة ما يوصف بـ"إبادة بيئية" تهدد مستقبل السكان. التقارير الحديثة تشير إلى تدمير ممنهج للأراضي الزراعية، يهدف إلى جعل الأرض غير صالحة للعيش.
تعد الزراعة عماد المعيشة الفلسطينية ورمزًا ثقافيًا منذ آلاف السنين، وقد دمرت الحروب أكثر من 42٪ من الأراضي الزراعية في غزة، وفق تقديرات الأمم المتحدة. وتشير أحدث البيانات إلى أن نسبة الأراضي الصالحة للزراعة لم تتجاوز 1.5٪، مع تدمير نحو 90٪ من الحقول عن عمد.
الأضرار طالت الأشجار المثمرة، خصوصًا الزيتون، حيث دمر نصف المحاصيل الشجرية تقريبًا، ما شكل ضربة قاسية للاقتصاد وهويّة آلاف العائلات التي اعتمدت على الزيتون عبر الأجيال.
ويُنظر إلى تدمير البيوت الزراعية والمزارع على أنه جزء من استراتيجية "التجويع"، ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويهدد الأمن الغذائي. وفي الضفة الغربية، تستمر عمليات اقتلاع وتسميم الأشجار من قبل المستوطنين، في ظل قيود عسكرية مستمرة، لتصبح الزراعة هناك معركة للبقاء.
الأضرار البيئية لا تتوقف عند هذا الحد. استخدام ذخائر مثل الفسفور الأبيض تسبب تلوثًا واسعًا للتربة والمياه الجوفية، بينما تبقى الملوثات في الأرض لسنوات، مهددة الصحة العامة، ومرتبطة بزيادة الأمراض الخلقية والسرطانات. كما أن تدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي يزيد من تفاقم أزمة الموارد المائية.
تدمير الأراضي الزراعية ليس مجرد أثر جانبي للصراع، بل اعتداء مباشر على حياة الفلسطينيين وقدرتهم على الاكتفاء الذاتي في المستقبل. وتدعو منظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى التحرك فورًا، ليس فقط لتقديم المساعدات الإنسانية، بل لتوثيق حجم الإبادة البيئية وإطلاق حملات لإعادة تأهيل الأراضي.
غزة اليوم تصرخ من أجل العدالة البيئية، والأمل في أن تصل أصواتها إلى العالم قبل فوات الأوان