الثلاثاء 16 كانون الأول 2025

شبح المخاطرة... المهاجرون العرب بين التضامن مع فلسطين والخوف من الطرد من إيطاليا

بقلم مادالينا شيلانو

بينما تمتلئ الساحات الإيطالية دعمًا للقضية الفلسطينية، تدفع شريحة من السكان ثمنًا باهظًا لتضامنهم، وهم المهاجرون، وخاصةً القادمون من الدول العربية. فبالنسبة لهم، لا يُعدّ التعبير عن رأي سياسي أو المشاركة في مظاهرة سلمية مجرد ممارسة للحرية، بل فعلًا قد يُعرّض استقرارهم ومستقبلهم، بل ووجودهم في إيطاليا، لخطر جسيم.
الصورة التي ظهرت في الأشهر الأخيرة مقلقة. تدين منظمات حقوق الإنسان في إيطاليا تنامي ميل السلطات إلى ربط التضامن السياسي بتهديد محتمل للنظام العام أو بالأمن القومي. ويترجم هذا النهج إلى تدابير مراقبة مستهدفة وإجراءات إدارية تمسّ أولئك الذين هم أصلًا في وضع قانوني هش، مثل المهاجرين الذين يحملون تصاريح إقامة مؤقتة أو الذين ينتظرون تجديدها.

هذه الآلية تؤدي إلى نتائج خطيرة، إذ يمكن لمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أو تعليق، أو مجرد التواجد في مظاهرة مؤيدة لفلسطين أن يفتح سلسلة من الإجراءات الإدارية. بالنسبة للمواطن الإيطالي، حرية التعبير مضمونة، أما بالنسبة للمهاجر العربي فقد يصبح التعبير نفسه تهمة تهدد تصريح إقامته.

التهديد الحقيقي لا يكمن فقط في الاعتقالات أو التقارير، بل في التأثير المباشر على الحياة القانونية للمهاجرين. فعدم تجديد تصريح الإقامة قد يُبرَّر باعتبار الموقف السياسي خطرًا على النظام العام. وفي الحالات الأكثر صرامة، قد تؤدي الأنشطة أو المواقف المعلنة إلى قرارات طرد، مما يحطم سنوات من الاندماج والروابط الأسرية والمهنية التي بناها المهاجر في إيطاليا.

هذه الأوضاع تدفع كثيرين من أفراد الجاليات العربية والفلسطينية إلى ممارسة الرقابة الذاتية. يجدون أنفسهم مضطرين للصمت وغير قادرين على التعبير عن حزنهم أو تعاطفهم السياسي، لأن وجودهم القانوني في البلاد يعتمد على عدم الظهور كناشطين أو أشخاص "غير ملائمين".

عندما تُقيَّد حقوق الفئات الأكثر ضعفًا، يتضرر المجتمع بأكمله. فالإجراءات التقييدية المفروضة على المهاجرين ليست معزولة، بل تعكس توجهًا مقلقًا نحو تضييق الحيز المدني والحد من الحق في الاحتجاج السلمي. هذا يخلق معيارًا مزدوجًا يبدو فيه أن الحقوق الدستورية الإيطالية، مثل حرية التعبير والتجمع، تُطبَّق بشكل مختلف وفق الأصل العرقي أو الوضع القانوني للشخص.

إن الدفاع عن حرية تعبير المهاجرين العرب لا يمثل فقط تضامنًا معهم، بل دفاعًا أساسيًا عن سلامة الديمقراطية الإيطالية. ولن تتمكن إيطاليا من إثبات التزامها بحقوق الإنسان إلا عندما تضمن ألا يُعامل التضامن السياسي باعتباره تهديدًا.