وكالة النهار الإخبارية/ عبد معروف
أثار قرار رئاسة الجمهورية اللبنانية، برفع مستوى التمثيل اللبناني في اجتماعات اللجنة الخماسية"المكانيزم" من ضباط عسكريين في الجيش اللبناني، إلى دبلوماسي سابق موجة من التساؤلات حول أسباب وخلفية هذا القرار الذي صدر كما قال بيان الرئاسة بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام.
وإذا كان هذا القرار قد أثار موجة من التساؤلات حول تعيين الدبلوماسي اللبناني سيمون كرم، أو توقيت هذا القرار، لكنه لم يكن مفاجئا للمتابعين والمراقبين بدقة لمسار التطورات العسكرية والسياسية التي تشهدها البلاد بعد الضربات القاسية التي تعرض لها حزب الله، ومنذ انتخاب الرئيس جوزاف عون وتشكيل الحكومة برئاسة الدكتور نواف سلام، وتكليف حزب الله لرئيس مجلس النواب نبيه بري بإدارة المفاوضات الداخلية والخارجية والتوقيع على الاتفاقيات.
وكان الضغط العسكري الاسرائيلي المستمر والمتصاعد ضد لبنان، ورفض الحكومة الاسرائيلية الانسحاب من المواقع اللبنانية الخمسة التي مازال يحتلها الجيش الاسرائيلي، مؤشر واضح بأن تل أبيب لم تعد تواصل وتعمل على تصعيد عدوانها فقط من أجل توجيه ضربات للبنانية العسكرية لحزب الله فحسب، بل تجاوزت لذلك ليكون استمرار احتلالها وعدوانها على لبنان ورقة ضغط على الحكومة اللبنانية من أجل تحقيق هدفين أساسيين:
الأول: الاسراع في نزع سلاح حزب الله، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الاراضي اللبنانية انطلاقا من الجنوب، وحصر السلاح بيد القوى العسكرية الرسمية في الدولة اللبنانية.
الثاني: وهو الأهم، رفع مستوى تمثيل الدولة اللبنانية في المفاوضات مع تل أبيب من ضباط في الجيش اللبناني، إلى مفاوض سياسي أو دبلوماسي يفتح ثغرة في جدار الصراع، تكون مدخلا لمفاوضات سياسية ودبلوماسية ثم تكون بداية لمفاوضات مباشرة لـ"معالجة القضايا العالقة" تؤدي إلى خطوات متقدمة نحو التطبيع وهذا هو الهدف النهائي لتل أبيب وواشنطن والدولة اللبنانية تقع تحت هذا الضغط في وقت تتعرض فيه لظروف سياسية وعسكرية واقتصادية صعبة، ليس من السهل تحمل هذه الضغوطات، بعد أن أصبح الرهان على الدور الأمريكي في لبنان والمنطقة وأصبح المندوب الأمريكي طوم براك هو المتابع للملفات السياسية، والجنرال الأمريكي جوزيف كليرفيلد رئيس اللجنة الخماسية المشرفة على وقف إطلاق النار في جنوب لبنان.
لاشك أن التهويل والتهديد الذي شهده لبنان خلال الأسابيع الماضية، بأن هناك حرب محتملة وأن الجيش الاسرائيلي سينفذ عدوانا واسعا في لبنان، وحدد البعض موعدا لهذه الحرب بعد مغادرة البابا لاوون الرابع عشر لبنان، كان الهدف منه الضغط على لبنان والتقدم خطوة نحو المفاوضات مع تل أبيب وهذا ما حصل فعلا فلم تكن الحرب مرتقبة ولم يكن الهجوم الاسرائيلي الواسع باتجاه لبنان حتميا مع التأكيد على أن استمرار الاحتلال والعدوان والضربات العسكرية أمرا واقعيا ولن يتوقف قبل تحقيق العدو الاسرائيلي الامريكي لكل أهدافه وفي نهايتها مفاوضات مباشرة وترسيم الحدود وتطبيع العلاقات.
زيارة بابا الفاتيكان، ورفع مستوى التمثيل اللبناني إلى شخصية دبلوماسية، لن يوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان ولن يؤدي إلى انسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان، ولن يضع حدا للضغوطات الأمريكية على الحكومة اللبنانية، لذلك، يمكن التأكيد مجددا، أن مسار الأحداث العسكرية والسياسية والاقتصادية منذ أكثر من عام، كان يشير إلى أن لبنان في الموقع الضعيف الذي لم يعد يمتلك الكثير من أوراق القوة ولم يعد باستطاعته التخلص من "المخالب" الأمريكية والضغوطات العسكرية الاسرائيلية، وبالتالي سيكون مضطرا للخضوع للكثير من المطالب التي كان يرفضها في أوقات سابقة.