وكالة النهار الاخبارية/عبد معروف
لم تفلح كل أصوات العالم، والمظاهرات التي عمت العواصم والمدن، من دفع تل أبيب لوقف حرب الإبادة التي تمارسها منذ 727 يوما ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولم تتوقف آلة الحرب الاسرائيلية عن ارتكاب المجازر وعمليات التدمير والتهجير لسكان القطاع أمام صرخات المجتمع المدني على امتداد الكرة الأرضية، ومع إصرار الحكومة الاسرائيلية على الاستمرار في عدوانها وحربها الوحشية وحرب التجويع ضد أطفال قطاع غزة، كان من الطبيعي أن يعمل هذا الكيان المحتل بكل قوته وتجبره على اقتحام سفن أسطول الصمود العالمي ويوقف مسارها ويمنعها من الوصول إلى شواطئ غزة.
وبالتالي شهد العالم خلال الساعات الماضية اعتداءً إسرائيليا جديداً على سفن أسطول الصمود، الذي انطلق محمّلاً بالمساعدات الإنسانية والمتضامنين الدوليين في محاولة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، هذا الاعتداء يعكس مجدداً سياسة إسرائيل القائمة على منع أي جهد إنساني أو دولي يهدف إلى تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، ويكشف إصرارها على استخدام القوة العسكرية حتى ضد مبادرات سلمية ذات طابع إنساني.
الهجوم على السفن لم يكن مجرد انتهاك صارخ للقانون الدولي وحرية الملاحة البحرية، بل جاء أيضاً كرسالة تهديد للمجتمع الدولي وللناشطين الذين يصرّون على فضح الحصار الجائر المفروض على أكثر من مليوني إنسان في غزة. ورغم محاولات الاحتلال منع وصول هذه السفن، إلا أن القضية لاقت صدى واسعاً في الإعلام والرأي العام العالمي، ما أعاد تسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية المستمرة.
أسطول الصمود، برغم الاعتداء، أثبت أن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني آخذ في التوسع، وأن محاولات إسكات الأصوات الحرة لن تنجح. فالرسالة الأساسية من هذه المبادرات تبقى واضحة: الحصار جريمة، ومقاومته واجب إنساني وأخلاقي. إن الاعتداء على الأسطول يفضح الكيان الاسرائيلي مجدداً، ويعزز المطالبة بمحاسبتها ورفع الحصار فوراً عن غزة.
فالحكومة الاسرائيلية رأت في المجازر وحروب الابادة دون رادع وأمام دعم أمريكي وصمت رسمي عربي ودولي، يمكن لها من خلال هذا المشهد المحلي والعربي والعالمي أن تحقق أهدافها وفي مقدمتها إبادة الشعب الفلسطيني وضرب البنية التحية لمقاومة هذا الشعب على طريق تصفية قضيته الوطنية.
وفي سياق سياسة التطرف والتعنت والارهاب الاسرائيلية، يعترض الجيش الاسرائيلي سفن أسطول الصمود العالمي ويسيطر عليها، ويعتقل من على متنها للتحقيق معهم وإعادتهم إلى أوروبا، وهو يعلم أن إمكانية ردعه مازالت خجولة وتعتمد على المشاعر الانسانية وبالتالي، لا تشكل عقبة أمام التعنت والعدوان الاسرائيلي ليس على الشعب الفلسطيني فحسب، بل وعلى دول المنطقة وشعوب العالم التي شاركت بالأسطول أو أعلنت عن تأييدها له، وتضامنها مع الشعب الفلسطيني واستنكرت حرب الابادة.
طبعا، لا يريد العالم المزيد من الدلائل والمؤشرات على أن الاحتلال الاسرائيلي هو احتلال عنصري وفاشي ويضرب عرض الحائط كل القوانين والشرائع الدولية المعنية بحقوق الانسان والشعوب، لكن الاعتداء على أسطول الصمود يجب أن يشكل دافعا لتحرك دولي (شعبي ورسمي) ميداني، تكون خطواته الأولى ارتفاع الصرخة في عواصم العالم ومدنه، وإقفال السفارات وطرد البعثات الدبلوماسية الاسرائيلية من دول العالم وسحب الاعتراف بهذا الكيان، وعدم التعامل مع تل أبيب سياسيا واقتصاديا وتجاريا وأمنيا.
وإذا كان هذا هو المطلوب من الدول والشعوب الأجنبية، فإن المطلوب على المستوى العربي أكثر من ذلك بكثير، ذلك لأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب، والوجود الصهيوني في فلسطين يشكل خطرا على كل دول المنطقة شعوب وأنظمة.