الأحد 8 حزيران 2025

الجزيء السحري لتجديد الشباب ومنح الخلايا طاقة الحياة


بقلم: الدكتورة أمل الحاج

في عالم يسعى إلى بلوغ الصحة المثالية وطول العمر، تتجه الأنظار إلى جزيء صغير لكنه بالغ الأهمية يُعرف باسم NAD+ (نيكوتيناميد أدينين دينوكليوتيد). هذا الجزيء يلعب دورًا محوريًا في عمليات الأيض وتجديد الخلايا، وأصبح محورًا لأبحاث مكافحة الشيخوخة وتعزيز الصحة الخلوية.

ما هو NAD+؟

NAD+ هو إنزيم مساعد (Coenzyme) يوجد في جميع خلايا الجسم، ويشارك في مئات التفاعلات الحيوية. من أبرز وظائفه:

تحويل الغذاء إلى طاقة داخل الميتوكوندريا.

إصلاح الحمض النووي (DNA).
تنظيم العمليات الحيوية المرتبطة بالشيخوخة.

ومع التقدم في العمر، تنخفض مستويات NAD+ بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى ضعف وظائف الخلايا، وتراجع إنتاج الطاقة، وظهور علامات الشيخوخة.

أبرز وظائف NAD+ في الجسم:

إنتاج الطاقة (ATP): يشارك في سلسلة نقل الإلكترونات، وهي المرحلة الأساسية لإنتاج الطاقة داخل الخلايا.

ترميم الحمض النووي: يُفعّل إنزيمات مثل Sirtuins وPARPs، المسؤولة عن إصلاح التلف في المادة الوراثية.

تنظيم الساعة البيولوجية: يساعد في ضبط الإيقاع اليومي للجسم والعمليات الحيوية المرتبطة به.
مكافحة الإجهاد التأكسدي: يعزز قدرة الخلايا على مواجهة الجذور الحرة التي تسرّع الشيخوخة وتزيد خطر الإصابة بالأمراض.
NAD+ والشيخوخة

تشير دراسات علمية متعددة إلى أن زيادة مستويات NAD+ قد تسهم في:

إبطاء الشيخوخة البيولوجية.

تعزيز وظائف الدماغ والذاكرة.

رفع مناعة الجسم ومقاومته للأمراض المزمنة مثل السكري، أمراض القلب، والزهايمر.

في دراسة نُشرت في دورية Cell Metabolism، تبيّن أن رفع مستويات NAD+ في الفئران أدى إلى "تجديد” خلاياها وتحسين قدراتها الجسدية والذهنية.

كيف نرفع مستويات NAD+؟

رغم أن الجسم ينتج NAD+ طبيعيًا، إلا أن مستوياته تنخفض مع التقدم في العمر. ويمكن دعمه وزيادته من خلال:

1. المكملات الغذائية:

NMN (Nicotinamide Mononucleotide) وNR (Nicotinamide Riboside)، وهما من أهم المقدمات الحيوية لـ NAD+، وقد أثبتت الدراسات أمانهما وفعاليتهما في رفع مستوياته.
2. الصيام المتقطع:

يحفّز مسارات أيضية ترفع مستويات NAD+ وتنشّط إنزيمات Sirtuins.


3. ممارسة الرياضة بانتظام:

خاصة التمارين الهوائية (كالمشي السريع والركض)، التي تساهم في تعزيز إنتاج NAD+.
4. تقليل استهلاك السكر والكربوهيدرات 
٥. الأنظمة الغذائية الغنية بالسكر ترفع الإجهاد الأيضي وتؤثر سلبًا على إنتاج NAD+.
الأبحاث المستقبلية حول NAD+

ما زال العلماء يدرسون الآثار طويلة الأمد لمكملات NAD+ لدى البشر. وهناك تجارب سريرية قائمة تبحث في دوره في الوقاية من الأمراض العصبية، وتحسين صحة القلب، وربما في إطالة متوسط العمر الصحي.

رغم أن NAD+ لا يزال في مرحلة البحث والتجريب، إلا أن نتائجه الواعدة تفتح آفاقًا جديدة لفهم الشيخوخة وتحسين جودة الحياة.
قد لا يكون "إكسير الحياة" الأسطوري، لكنه بلا شك أحد مفاتيح الصحة الخلوية والشباب المتجدد، ويستحق المتابعة والاهتمام.