الأحد 8 حزيران 2025

تقارير وتحقيقات

التسوّل في صيدا إزعاج واستغلال وتفلت من الرقابة

عصام الحلبي – النهارالاخباريه  صيدا 

في قلب مدينة صيدا، وعلى أرصفتها، وبين أزقتها وأسواقها، تنتشر ظاهرة باتت مألوفة حدَّ الاستفزاز، المتسولون. وجوه تكاد تكون مألوفة تتكرر كل صباح، أطفال ونساء يحملون ملامح البؤس أو يتقنون أداءه، يقتربون من المارة دون استئذان، ويلحّون على سائقي السيارات عند إشارات السير، أو يتجرأ بعضهم على مسح الزجاج دون طلب، ليبدأ بعدها مسلسل المطالبة العنيف: إلحاح، وتهديد مبطن، وأحيانًا ألفاظ نابية إن لم يحصلوا على ما يريدون.

مهنة مقنعة باسم الحاجة

ما يُقلق أكثر، هو أن التسول في صيدا لم يعد مجرد تعبير عن الفقر أو الحاجة، بل أصبح في كثير من الأحيان مهنة تمتهنها شبكات منظمة. يتّضح هذا من خلال رصد أنماط الحضور اليومي لهؤلاء الأطفال، ذكورًا وإناثًا، برفقة نساء يمارسن معهم الدور نفسه، في تكرار  شبه منظم، يبدأ صباحًا وينتهي مساءً، حين يأتي "المشغّل" ليجمعهم، ويجمع معهم محصلة اليوم، ويمنحهم جزءًا زهيدًا من عائدات اليوم.

هذا النمط لا يشي فقط بوجود استغلال منظم، بل ربما بشبه تجارة بالبشر تجري على مرأى ومسمع من الجميع، دون تدخل فعّال من الجهات المختصة.

الأطفال المتسولون بين الإهمال والاستغلال

 لكن  الخطر الاكبر من  الإزعاج اليومي، هو ما يُهدد هؤلاء الأطفال الذين يُزجّ بهم في الشوارع منذ الصباح الباكر. فهم لا يتلقون أي تعليم، ولا يحصلون على رعاية صحية، ويتعرضون لاحتمالات الاستغلال الجسدي والنفسي وحتى الجنسي، وسط غياب الرقابة والمسائلة. وفي بعض الحالات، ينزلق بعض هؤلاء نحو تعاطي المخدرات، أو الانخراط في سرقات صغيرة، قبل أن يتحولوا إلى ضحايا أو أدوات في أيدي شبكات أوسع.

ظاهرة تؤرق المجتمع

في سوق صيدا القديمة، وفي الشوارع الرئيسية كدوار القناية، وتقاطع إيليا، وعند الإشارات الضوئية في مدخل المدينة الشمالي والجنوبي، يشتكي الأهالي والسائقون من السلوك العدواني لبعض المتسولين. أحد السائقين يقول:

 "أحيانًا أشعر أنني مجبر على الدفع حتى أتفادى الإهانة أو الأذى… وإذا تجاهلتهم، أتلقى شتائم لا تُحتمل".

هذا التوتر اليومي لا يزعج فقط السكان، بل يشوّه صورة المدينة السياحية والتجارية، ويضعف من أمان الجو العام فيها.

أين دور  الجهات المختصة والمسؤولة؟

رغم تفاقم الظاهرة، لا تزال المعالجات خجولة أو . لا وجود فعلي لبرامج حماية للأطفال في الشوارع، ولا لإجراءات حازمة في ملاحقة الشبكات التي تديرهم. تحتاج المدينة، كما غيرها من المدن اللبنانية، إلى تدخل فعّال من قبل:

القوى الأمنية لضبط المتسولين  وملاحقة من يقف وراءهم.

و من زارة الشؤون الاجتماعية لإنشاء مراكز استقبال وحماية للأطفال المتسولين.

 وكذلك البلديات يجب ان تأخذ دورها  في ضبط الأماكن العامة وتنظيمها، ووضع حد للتسول .

ان مواجهة هذه الظاهرة ليست فقط مسألة تنظيم شوارع، بل قضية إنسانية وأخلاقية، تبدأ من حماية الأطفال، وتنتهي بتفكيك شبكات الاتجار بالبؤس.