النهار الاخباريه قسم التحليل....
دخل الملف النووي الإيراني مجددًا دائرة التوتر الدولي بعد أن أقر مجلس الأمن الدولي إعادة فرض العقوبات على طهران، في خطوة جاءت عبر تفعيل "آلية الزناد" من قبل الترويكا الأوروبية (ألمانيا، فرنسا، وبريطانيا) استنادًا إلى اتفاق عام 2015.
القرار يضع إيران أمام 8 أيام فقط لتجنب تفعيل العقوبات بشكل كامل، فيما تحاول طهران المناورة عبر مقترحات دبلوماسية جديدة وتأكيد التزامها بالمسار السلمي للبرنامج النووي.
لكن خلف الواجهة الدبلوماسية، يظل البعد العسكري حاضرًا بقوة، وسط تهديدات غير مباشرة من واشنطن وتل أبيب، وتلويح أمريكي بسلاح استراتيجي جديد قادر على ضرب المنشآت النووية المحصنة.
قرار مجلس الأمن جاء بعد أن دفعت الترويكا الأوروبية باتجاه إعادة فرض العقوبات، متهمة إيران بعدم الالتزام ببنود الاتفاق النووي لعام 2015.
هذه الخطوة أعادت إلى الواجهة الجدل القانوني بشأن شرعية القرار، خصوصًا أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق عام 2017، وهو ما تراه طهران سببًا في بطلان أي محاولة لإعادة تفعيل العقوبات.
إيران ردت عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة بالتأكيد أن "باب الدبلوماسية لم يُغلق"، مشيرة إلى أن وزير خارجيتها سيلتقي الأوروبيين خلال الأيام المقبلة لمحاولة استغلال نافذة الفرصة الأخيرة.
لكن الثمانية أيام التي تفصل بين القرار وتنفيذه تجعل الزمن خصمًا إضافيًا على طاولة المفاوضات.
وافادت مصادر دبلوماسية أن إيران قدمت مقترحًا للترويكا الأوروبية يتضمن خفض التخصيب من مستوى 60 بالمئة والتخلص من المخزون الحالي، مقابل ضمانات أميركية بعدم مهاجمتها، واعتماد اتفاق القاهرة الأخير مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كقاعدة للتعاون المستقبلي. كما تطرح طهران فتح مفاوضات أولية جديدة شريطة تلبية مطالبها، وأن ينهي مجلس الأمن صلاحية التعاون مع الوكالة الدولية بموجب القرار 2231.
هذا المقترح يعكس استراتيجية إيرانية مزدوجة: إظهار المرونة الدبلوماسية، مع التمسك في الوقت ذاته بخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، أبرزها رفض التخلي عن حق التخصيب بالكامل.
القرار الأممي لم يأتِ في فراغ. خلال الأشهر الماضية، شنّت إسرائيل بدعم أمريكي حملة عسكرية استمرت 12 يومًا استهدفت منشآت نووية إيرانية.
ورغم ذلك، لم يُستبعد تكرار السيناريو العسكري مجددًا، إذ تواصل واشنطن وتل أبيب التلويح بالخيار العسكري كجزء من أدوات الضغط.
في هذا السياق، كشفت تقارير أميركية عن تطوير قنبلة جديدة تعد الجيل الأحدث من "أم القنابل"، أخف وزنًا وأكثر فعالية ضد المنشآت
المحصنة تحت الأرض، مصممة للاستخدام مع القاذفة الشبحية "بي 21 رايدر". القنبلة ما تزال في طور النموذج الأولي، لكنها ترسل إشارة واضحة: الولايات المتحدة تحضر لسيناريو عسكري متقدم حال فشل المسار الدبلوماسي.
إيران، رغم الحرب والضغوط القصوى، لا تزال تتحرك بـ"عقلانية ومنطقية" ولم تنخرط في "ممارسات مجنونة".
بالنسبة له، سلوك طهران ما بعد الحرب الأخيرة يبرهن على تمسكها بالإطار الدبلوماسي، وهو ما تُوّج بتوقيع اتفاق القاهرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول عودة المفتشين الدوليين. أن ما تقوم به الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة "غير قانوني"، لأن واشنطن انسحبت من الاتفاق النووي ولم يعد لها الحق في فرض شروطه.
من وجهة نظره، العقوبات الجديدة ليست سوى "ضغوط نفسية واقتصادية" تهدف إلى دفع الشعب الإيراني للضغط على حكومته، لكنها، في النهاية، مجرد تكرار لنهج جُرّب من قبل ولم يحقق أهدافه.