النهار الاخباريه – بيروت باسم جوني
يواصل الاقتصاد اللبناني تسجيل مؤشرات انكماش حاد، في ظل استمرار تداعيات الأزمة المالية التي اندلعت عام 2019، وتفاقمها بفعل الاعتداءات الإسرائيلية على مناطق لبنانية، وما رافقها من أضرار مادية واجتماعية إضافية.
ورغم هذا الواقع، تشهد البلاد خلال مواسم الأعياد نشاطًا استهلاكيًا وسياحيًا لافتًا، يطرح تساؤلات حول طبيعة الحركة الاقتصادية ومصادرها الفعلية.
لا تزال الأزمة الاقتصادية قائمة من دون أي أفق واضح للحل، وسط غياب الإصلاحات البنيوية واستمرار الخلاف بين الدولة اللبنانية والقطاع المصرفي حول مسؤولية الانهيار، ولا سيما في ما يتعلّق بأموال المودعين.
كما لم تحمل موازنة عام 2025 أي إجراءات فعّالة لتحسين القدرة الشرائية، في ظل ثبات الحد الأدنى للأجور مقابل ارتفاع مستمر في كلفة المعيشة تتزامن هذه الضغوط الاقتصادية مع أوضاع أمنية غير مستقرة، حيث يعيش المواطنون تحت وطأة اعتداءات يومية تشمل قصفًا وتوغلات وتدميرًا للبنى السكنية، إضافة إلى استهداف البلديات كمؤسسات رسمية، ما يزيد من الأعباء المالية على الدولة والمجتمع المحلي.
إعادة الاعمار على مهب الريح
على صعيد إعادة الإعمار، تشير المعطيات إلى أنّ هذا الملف لا يزال عمليًا خارج إطار التنفيذ، في ظل العجز المالي للدولة وغياب التمويل الخارجي.
ولم تُدرج إعادة الإعمار بشكل فعلي في موازنة الحكومة، في وقت تخضع أي مساعدات محتملة لشروط سياسية ومالية خارجية، ما يحدّ من قدرة الحكومة على إطلاق مشاريع جدّية في هذا المجال.
نشاط وحركة نشطه فى الأعياد
في المقابل، تُسجّل فترة الأعياد حركة اقتصادية نشطة، لا سيما في العاصمة بيروت، حيث تشهد الأسواق التجارية ووسط المدينة ازدحامًا ملحوظًا، وتُقام فعاليات ترفيهية تنعكس ضغطًا على البنية المرورية والخدماتية ويُلاحظ أنّ هذا المشهد يتكرّر منذ بداية الأزمة الاقتصادية، ما يعكس وجود مصادر تمويل خارج الدورة الاقتصادية الداخلية التقليدية.
وتشير التقديرات إلى أنّ التحويلات المالية من اللبنانيين المغتربين تشكّل العامل الأساسي في تنشيط الحركة الاقتصادية خلال المواسم السياحية والأعياد فعدد كبير من العائلات يعتمد على الأموال الواردة من الخارج لتغطية نفقاته الاستهلاكية، إضافة إلى عودة أعداد من المغتربين لقضاء عطلة الميلاد ورأس السنة في لبنان.
حجوزات مرتفعه
وفي هذا الإطار، أفاد عضو نقابة مكاتب تأجير السيارات السياحية ياسر دبوسي بأنّ الحجوزات على السيارات السياحية بلغت نسبًا مرتفعة خلال عيدي الميلاد ورأس السنة، مشيرًا إلى أنّ غالبية المستأجرين هم من اللبنانيين المغتربين.
كما أعلن الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي أنّ نسب الإشغال في بعض الفنادق وصلت إلى نحو 90% خلال فترة الأعياد، مع تسجيل حضور لسياح عرب وخليجيين، ما ساهم في تحريك القطاع السياحي بشكل موسمي.
الختام
ويعكس هذا الواقع مفارقة اقتصادية واضحة، حيث يعتمد النشاط الموسمي على تدفّقات نقدية خارجية، في وقت لا يزال الاقتصاد المحلي يعاني من ضعف الإنتاج، وانكماش الاستثمارات، وغياب السياسات الإصلاحية ويؤكد خبراء أنّ هذا النوع من النشاط لا يشكّل تعافيًا اقتصاديًا مستدامًا، بل يبقى محصورًا في فترات محدّدة، من دون معالجة جذور الأزمة.