وكالة النهار الاخبارية/عبد معروف
يعتبر مرفأ بيروت، شريانًا حيويًا للاقتصاد اللبناني من حيث التجارة البحرية واستيراد وتصدير السلع، وشهد خلال عام 2025 تحسنًا ملحوظًا في حركة البضائع والحاويات بالرغم من التحديات الاقتصادية والأمنية التي ظلت تواجه لبنان والمنطقة.
وفقًا لبيانات رسمية وإحصاءات حديثة للمراجع الاقتصادية في بيروت، فقد سجل المرفأ زيادة في كمية البضائع المتداولة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 بنسبة تقريبية وصلت إلى نحو 16% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، مما عكس بداية تعافٍ في الحركة التجارية بعد سنوات من التراجع نتيجة الأزمات المتلاحقة.
كما ارتفعت أعداد الحاويات بنسبة حوالي 25% خلال ذات الفترة، وهو مؤشر مهم على نشاط أكبر في التجارة الداخلية وإعادة التصدير، رغم انخفاض عدد السفن المستقبلة نسبيًا مقارنةً بالعام السابق.
في شهري مارس وأغسطس من عام 2025، أظهرت بيانات إضافية زيادة في حركة الحاويات (TEUs) وارتفاعًا في نشاط الاستيراد، مع نمو يصل في بعض الأشهر إلى أكثر من 30% مقارنة بنفس الفترة في 2024، مما يدل على ديناميكية متزايدة في حركة التجارة البحرية.
في أكتوبر 2025، أعلن مرفأ بيروت عن تسجيل رقم قياسي في عدد الحاويات ومعالجتها خلال يوم واحد منذ افتتاح المرفأ في 2004، وهو مؤشر يعكس تحسينات في الإدارة والقدرة التشغيلية للمرفأ.
هذا التقدم يتواصل أيضًا على مستوى عالمي، حيث ارتفع تصنيف المرفأ في مؤشر أداء الموانئ العالمي الصادر عن البنك الدولي، ليحتل المرتبة 54 عالميًا، بعدما كان في مراتب متأخرة خلال السنوات السابقة.
كما أظهرت تقارير نصف سنوية أن إجمالي عدد السفن التي خدمها مرفأ بيروت، في النصف الأول من العام انخفض قليلًا مقارنة بعام 2024، بينما إجمالي حجم البضائع ارتفع بنحو 14%، مما يشير إلى أن حركة الشحن أصبحت أكثر تركيزًا على البضائع الثقيلة والكبيرة مقارنةً بعدد الزيارات فقط.
وشهد القطاع البحري في المرفأ أيضًا زيادة في واردات السلع الاستهلاكية والسيارات، ما يدل على نشاط اقتصادي داخلي أعلى وطلب متزايد على الواردات الأساسية.
ولكن وبالرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، لا يزال المرفأ يواجه تحديات عدة:
= رقابة أمنية مشددة من قبل الجيش اللبناني وإجراءات إضافية على البضائع المشحونة، ما يزيد من تكاليف العمليات وتأخيرها في بعض الحالات.
= تكاليف التأمين العالية للبواخر العابرة إلى المرفأ بسبب المخاطر الإقليمية، ما يؤثر على بعض شركات الشحن ويجعلها مترددة في إضافة بيروت إلى خطوطها المنتظمة.
= الظروف السياسية والاقتصادية في لبنان، والتي ما زالت تلقي بظلالها على القدرة الاستثمارية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية المتصلة بالمرفأ.
سجّل مرفأ بيروت يوم أمس الأحد، رقماً قياسياً غير مسبوق في تاريخه على صعيد مناولة الحاويات، إذ استقبل ثلاث سفن في وقتٍ واحد وتمكّن من مناولة نحو 12,800 حاوية نمطية خلال 24 ساعة، وهو أعلى معدّل يُسجَّل في تاريخ المرفأ.
ومن المتوقّع أن يسهم هذا النمو القياسي في تعزيز ثقة الخطوط الملاحية بمرفأ بيروت، وترسيخ دوره كمحور أساسي في حركة النقل البحري والتجارة الإقليمية، بما ينعكس إيجاباً على النشاط الاقتصادي اللبناني ويدعم حركة الاستيراد والتصدير.
في عام 2025، شهد مرفأ بيروت حركة بحرية وتجارية متنامية، مع تحسن ملحوظ في حجم البضائع والحاويات وتعزيز موقعه في تصنيفات الأداء العالمي، بالرغم من استمرار بعض الصعوبات الأمنية والاقتصادية. تمثل هذه المؤشرات أملًا في تعافي القطاع البحري اللبناني وتوسع نشاطه التجاري، خصوصًا إذا ما تم دعم المرفأ بإصلاحات تنظيمية وبنى تحتية حديثة توفر المزيد من الكفاءة والاستدامة.