الأربعاء 10 أيلول 2025

حماس امام مفترق طرق: أما أن تمضي فى خيار الرد أم تلقط الإشارات الدبلوماسيه وتستثمر الغضب العربي ....

النهارالاخباريه وكالات
العملية العسكرية الإسرائيلية التي أستهدفت إجتماعا لقيادات حركة حماس في الدوحة لم تكن مجرد ضربة محدودة الأثر.
 فقد فتحت العملية بابًا واسعًا على أسئلة مصيرية تتعلق بمسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وبخريطة التوازنات الإقليمية في آن معا.

في لحظة كانت فيها حماس تناقش المقترحات الأميركية بشأن التهدئة والإفراج عن الرهائن، جاء القصف الإسرائيلي ليخلط الأوراق، ويضع الحركة أمام مفترق طرق خطير: هل تمضي في طريق الرد العسكري المباشر، أم تلتقط الإشارات الدبلوماسية وتستثمر الغضب العربي والدولي لصالحها؟

هذه المعادلة المعقدة لم تولد من فراغ، بل كانت نتاج تداخل عوامل عدة: حسابات بنيامين نتنياهو الداخلية، ضغوط أهالي الرهائن، المواقف العربية الغاضبة من انتهاك سيادة قطر، وتردد واشنطن بين احتضان إسرائيل والحفاظ على حليفها الخليجي الاستراتيجي.

منذ اللحظة الأولى، بدت قطر واضحة في موقفها عبر تصريح  رئيس وزرائها حيث عبّر عن إدانة بلاده الصريحة، مؤكداً أن "الرد سيكون دبلوماسيا وقانونيا"، في إشارة إلى لجوء الدوحة إلى المؤسسات الدولية وتكثيف التحركات السياسية لحماية سيادتها.

واوضح أن الموقف القطري " واضح  من العملية العسكريه قائلا: ان نتياهوا  يسعى أصلا إلى "إغلاق الباب أمام أي مفاوضات محتملة مع حماس، وإحداث أزمة دبلوماسية مع العالم العربي".
الهجوم على الدوحة كان قرارا عالي المخاطر بالنسبة لنتنياهو. فقد واجه نتياهوا داخليا، انتقادات شديدة من عائلات الرهائن الذين اتهموه بأنه "قامر بأرواح أبنائهم" من أجل تحقيق أهداف سياسية ضيقة. 
المعارضة بقيادة يائير لابيد انتقلت من الترحيب بالعملية إلى التشكيك في توقيتها وجدواها.


نتنياهو "كان يخشى قبول حماس لمقترح ترامب"، ولذلك فضل توجيه ضربة استباقية لإحباط المسار الدبلوماسي. بهذا المعنى، كان القرار موجها بالأساس إلى الداخل الإسرائيلي بقدر ما كان رسالة إلى حماس والعالم.

لكن هذه الحسابات انقلبت جزئيا على نتنياهو.
 فقد أدى الفشل في تحقيق نتائج ملموسة من العملية إلى تعميق الانقسام داخل إسرائيل، وأثار أسئلة خطيرة، هل ما زال رئيس الوزراء يمتلك القدرة على إدارة الملف الأمني بحكمة؟ وهل يُعرّض الرهائن لمزيد من المخاطر بدل حمايتهم؟

ردود الفعل العربية والإقليمية على استهداف الدوحة كانت غير مسبوقة في شدتها. 

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، عبّر عن "إدانة صريحة للاعتداء" مؤكداً أن بلاده تقف إلى جانب قطر في مواجهة هذا الانتهاك. الرسالة الإماراتية لم تكن رمزية فقط، بل جسّدت حالة اصطفاف عربي جديد ضد السلوك الإسرائيلي.

أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فذهب أبعد من ذلك، إذ وصف الغارة بأنها "إرهاب دولة"، معتبرا أنها استهدفت بشكل مباشر دور الوساطة التركية.

وقال أردوغان: "استهداف وفد حماس في الدوحة بعد ساعات من اجتماعه بمسؤولين أتراك رسالة واضحة ضد أنقرة قبل أن تكون ضد حماس".
هذا التضامن العربي التركي منح الدوحة غطاء سياسيا قويا، لكنه في الوقت ذاته زاد الضغط على حماس. فالحركة باتت مطالبة باستثمار هذا الزخم الدبلوماسي لا بإضاعته في رد عسكري قد يضعف صورتها ويمنح إسرائيل فرصة لتبرير مزيد من التصعيد.
الموقف الأميركي بدا الأكثر التباسا في واشنطن، حيث بدت تصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت "كشفت عن عمق التوتر بين واشنطن وتل أبيب".
ففي الوقت الذي أقرّت فيه الإدارة الأميركية بمشروعية استهداف حماس، رفضت مبدأ ضربها على أرض قطر، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة والمستضيف لأكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة.
هذا التناقض وضع إدارة ترامب في مأزق. فهي من جهة لا تستطيع أن تُغضب إسرائيل، ومن جهة أخرى لا تملك رفاهية خسارة قطر، التي تؤدي دور الوسيط المكلف رسميا في المفاوضات. النتيجة كانت مواقف مرتبكة توحي بأن واشنطن تميل إلى "تبرئة" إسرائيل علنا، لكنها في العمق تشعر بالحرج من العملية.
وفي السياق ذاته تؤكد  المصادر أن وفد حماس الذي جرى استهدافه كان قد اجتمع في تركيا لبحث المقترحات الأميركية مع المسؤولين الأتراك. 
من هنا، اعتبر أن الضربة لم تكن مجرد رسالة لحماس وحدها، بل أيضا لأنقرة والدوحة معًا، بأن أي وساطة لا تتماشى مع الرؤية الإسرائيلية ستكون عرضة للإفشال بالقوة.
هذا الاستنتاج يعكس مدى حساسية الدور التركي القطري. فإسرائيل لا تريد أن ترى وساطة مستقلة يمكن أن تمنح حماس متنفسًا، بل تسعى إلى فرض شروطها كإطار وحيد للتسوية