الأربعاء 1 تشرين الأول 2025

حشد الأساطيل البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط.. حرب أم تهديد لفرض الاستسلام


عبد معروف
ليست هي المرة الأولى التي تحشد فيها الإدارة الأمريكية أساطيلها البحرية والجوية في منطقة الشرق الأوسط، وداخل المياه الاقليمية لدول المنطقة، ولم يسجل أن تلك الحشود كان بهدف السياحة والاستمتاع بجمال ونسماء هواء البحار والمحيطات، بل كان لها أهداف استراتيجية وآنية معظمها مرتبط بطبيعة الصراعات المتفجرة في المنطقة وخاصة لدعم مشاريع النهب للثروات العربية وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة والسيطرة على مفاصل حياة الشعوب والنظم العربية، إلى جانب هدف رئيسي أيضا وهو حماية الكيان العبري من الانهيار.
ولم تكن تلك الحشود الأمريكية في محيط المنطقة العربية مستغربة خلال السنوات أو الأشهر القليلة الماضية، لأن الكيان الاسرائيلي مر بحالة انهيار وإرباك وضياع خاصة بعد عملية طوفان الأقصى، ونحن على مشارف الذكرى السنوية الثانية لها، وأيضا بعد الصواريخ التي انهمرت على الكيان الاسرائيلي وخاصة تل أبيب، في الأيام أو الأشهر القليلة الأولى من الحروب التي أعلنها رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو على جبهات مختلفة، ولأن الكيان الاسرائيلي مخفر متقدم لحماية المصالح الأمبريالية الأمريكية في المنطقة، ولأن انهيار الكيان سيؤدي حتما إلى تصفية النهب الأمريكي للثروات العربية، وسيؤدي إلى إسقاط حلفاء الولايات المتحدة وضربة موجعة للمشروع الطائفي، فكان لا بد من تدخل أمريكي مباشر في المنطقة العربية، بهدف حماية الادارة الاسرائيلية التي أوغلت في حرب الابادة الوحشية في قطاع غزة، بهدف عدم زعزعة النظم العربية والمحافظة على أمن واستقرار المنطقة أمام إمكانية نهضة أو انتفاضات شعبية في الدول العربية خجلا مما يجري في القطاع، تؤدي بالتالي إلى ثورات عارمة تحشد الطاقات وتكسر الطوق لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي لوقف العربدة وإلى تعميم الثورات ما يؤدي إلى تحرير الثروة والسياسية والتبعية العربية للإدارة الأمريكية واسقاط النظم التي شكلت لها وكيلا معتمدا على مر عقود من الزمن.
لكن أن تأتي الحشود العسكرية البحرية والجوية الأمريكي خلال الساعات الماضية في المنطقة العربية، بالتزامن مع تقدم مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف حرب الابادة في قطاع غزة وإجراء خطوات متقدمة لتفعيل عملية السلام كما وصفها، فإن الحشد البحري الجوي الأمريكي يصبح مستغربا للمتابعين والمراقبين للتطورات بعد إطلاق مبادرة ترامب والتأييد الرسمي العربي والعالمي لها ودعمها لوقف الحرب وتحريك ما يطلق عليه "عملية السلام" على المسار الفلسطيني.
وتشير التقارير الأمنية أن التحركات البحرية والجوية الأمريكية تشمل ارسال طائرات تزود بالوقود للشرق الاوسط حيث رصدت اكثر من 10 طائرات حتى الآن.

وتشمل أساطيل جوية ضخمة بطرازي f18/f22 وصلت إلى قاعدة العديد في قطر والقاعدة البريطانية في قبرص وكذالك وصلت منظومات للدفاع الجوي الأمريكي ثاد قبل أسبوعين إلى إسرائيل، إلى جانب تحرك جوي أميركي لافت نحو الشرق الأوسط
وأفادت مصادر عسكرية أنّ عشرات من طائرات التزويد بالوقود من طراز KC-135 وKC-46 التابعة للقوات الجوية الأميركية، بدأت بالتحرّك بشكل متزامن نحو الشرق الأوسط.
هذا النوع من الطائرات يُستخدم لتأمين الغطاء اللوجستي والطاقة العملياتية للطائرات الحربية، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول حجم العمليات الجوية المرتقبة أو التحضير لمرحلة تصعيدية في المنطقة.
فهل المنطقة على أبواب حرب جديدة واسعة ترى واشنطن أنها الطرف الأساسي فيها، وكيف يمكن الربط بين تقدم مبادرة الرئيس ترامب والتأييد الدولي والعربي لها وهذا الحشد العسكري الأمريكي في المنطقة، أم كما تقول التقارير المتداولة أن هناك رسائل ضغط سياسية تحملها الأجنحة العسكرية الأميركية؟
بالعموم الأيام القليلة القادمة وحدها الكفيلة بالاجابة، لكن من الواضح، أن الحشد الأمريكي في محيط المنطقة العربية، إما محاولة لرفع مستوى التوتر العسكري إلى صدام مع إيران من أجل إجبارها على تنازلات في قضية الصناعات النووية، وتراجع دعمها لأذرعتها في لبنان وغزة واليمن، بعد أن رفعت أوروبا من مستوى عقوباتها على طهران، أو أن واشنطن تحشد اليوم لأساطيلها العسكرية كتهديد ووعيد للعرب عامة وللأطراف الفلسطينية خاصة لموافقة على خطة ترامب دون تأخير.