الأحد 8 حزيران 2025

مئات العائلات الفلسطينية في لبنان تعيش أوضاعًا مجهولة المصير في ظل غياب الحلول القانونية والإنسانية



 عصام الحلبي

تعيش مئات العائلات الفلسطينية في لبنان أوضاعًا إنسانية واجتماعية صعبة، وسط غياب تام لأي حل قانوني ينهي معاناتهم المزمنة، التي تعود جذورها إلى نكبة عام 1948، وما تبعها من نكسة 1967 والاضطرابات السياسية والعسكرية التي شهدها لبنان لاحقًا.

هذه الشريحة من اللاجئين، وغالبيتهم من فئة "النازحين واللاجئين الذي أتو من غزة والضفة الغربية والاردن"، يعانون من عدم حيازة الأوراق الثبوتية، ما يجعلهم خارج مظلة الحماية القانونية سواء من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أو من الدولة اللبنانية. يعيش هؤلاء في ظروف قاسية داخل المخيمات، وسط حرمان شبه تام من الحقوق الأساسية، لا سيما في مجالات الصحة والتعليم والعمل.

مأساة مستمرة منذ عقود

بعد اتفاق القاهرة في العام 1969، نُظّم الوجود الفلسطيني المسلح والمدني في لبنان، إلا أن إلغاء هذا الاتفاق بشكل أحادي من قبل السلطات اللبنانية بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ألقى بظلاله الثقيلة على حياة أكثر من 25 ألف فلسطيني لا يملكون أي وثائق او اورتق ثبوتية رسمية.

منذ ذلك الحين، أصبح هؤلاء عرضة للاعتقال والملاحقة الأمنية بتهمة الإقامة غير الشرعية، ما زاد من تهميشهم الاجتماعي وعزلهم الاقتصادي. فهم محرومون من العمل إلا في نطاق المخيمات، وممنوعون من تملك العقارات أو ممارسة العديد من المهن الرسمية.

حرمان من أبسط الحقوق

لا يحصل أبناء هذه العائلات على خدمات الأونروا، حتى تلك التي تقدمها في حدها الأدنى، فهم محرومون من المساعدات الغذائية، والرعاية الصحية، والتعليم ما بعد المرحلة الإعدادية. أما الزواج وتأسيس الأسر، فقد أصبح معضلة حقيقية في ظل غياب الوثائق الرسمية التي تسمح بإجراء معاملات الزواج القانونية، ما يجعل مستقبل الشباب والشابات معلقًا، ويؤدي إلى أزمات نفسية واجتماعية عميقة.

دعوات لإنقاذ ما تبقى من الكرامة

في ظل هذه الظروف، يرتفع الصوت الإنساني لهذه الفئة المنسية، كما في حالة الشابة إيمان ح. خ، (32 عامًا) التي رُفضت معاملات زواجها عدة مرات لعدم امتلاكها أوراقًا ثبوتية. تقول إيمان: "إلى من نتوجه؟ من المسؤول عن هذه المأساة؟ نحن نعيش بلا حقوق ولا أمل".

نداء مفتوح

إن هذه المعاناة الصامتة تستوجب تدخلاً عاجلاً من الجهات اللبنانية والفلسطينية والدولية، لإيجاد حلول قانونية وإنسانية تضمن الحد الأدنى من الحقوق لهذه العائلات، وتضع حدًا لمأساة مستمرة منذ أكثر من سبعة عقود.

هذا الملف الإنساني بات اختبارًا حقيقيًا لضمير المجتمعين العربي والدولي، الذين تُسائلهم هذه العائلات يوميًا عن مصيرها، وحقها في حياة كريمة تحفظ لها إنسانيتها.